عزاء الفلسطيني

عزاء الفلسطيني


مقال بقلم : ضياء الدين اليماني

السبت - 24 فبراير سنة 2024 | 3:10 مساءً

أي عزاء للفلسطينيين أمام هذا القتل الجماعي ؟! ؛ أمام الحصار المطبق الذي قررت إسرائيل فرضه على القطاع ؛ فلا طعام ولا دواء ولا وقود يصل إليه ؛ ما يعزيه ؟؟

ربما كان العزاء الأكبر للمقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية في قطاع غزة ؛ أنها ضربت كبرياء القوة الإسرائيلية في مقتل ؛ وأنها بالمئات الذين صرعت وأسرت ؛ وبالآلاف الذين أصابت وجرحت ؛ وبالرعب الذي دفعت به بعيداً في روح إسرائيل ؛ قد رفعت مقام الدم الفلسطيني عالياً في فداء قضيته ؛ يعزي الفلسطيني أنه يرجو ما لا يرجو قاتله ؛ فعقيدته القتالية تراوح به بين خيارين : النصر أو الشهادة ؛ وكلاهما مما يفتح أبواب التاريخ ؛ فتتسع بعد ضيق ؛ وتملأ صفحاته بما يكتب ؛ وقد كتبت المقاومة بجسارة تكافئ دم شعبها المسفوك على مدى عقود.

ما كان لطوفان الأقصى أن يزلزل إسرائيل هذه الزلزلة ؛ ويربكها هذا الإرباك ؛ لو أنها رضيت بخيار الاستسلام وتصفية قضيتها في دهاليز السياسة الدولية والإقليمية.

إسرائيل تقتل بانتقام في غزة لتداوي ذاتها الجريحة بالقتل العشوائي ؛ والقتل في غزة ليس خطراً ؛ فما أكثر ما قتلت إسرائيل من أهلها ؛ وما أقل ما قتلوا منها ؛ فلم يحصل لدولة الاحتلال الإسرائيلي في تاريخها ؛ أن أحصت من القتلى مئات في يوم واحد ؛ لم يعد الأمر كذلك ؛ إذ يبدو أنه صار رعباً برعب وقتلا بقتل.

يعزي الفلسطيني وهو يرى دمه وأشلاءه في الطرقات وتحت الأنقاض ؛ أنه يدفع الثمن على نحو مختلف هذه المرة.

يشيح العالم ببصره عن حملة إسرائيل الانتقامية على قطاع غزة ؛ وشنها حرباً واسعة عليه ؛ ويفزع إلى ذات التوصيف فيصف المقاومة بالإرهاب الذي بدد سكينة إسرائيل

؛ وقتل سكانها الآمنين ؛ ولم يثر أحد السؤال الجوهري ؛ علام الحرب ؟ وفيم القتل هنا وهناك ؟!

الفلسطينيون لا يخوضون الحروب لأنهم يحبون الموت أو لأنهم إرهابيون عدميون ؛ إنهم يحبون الحياة كما يحبها غيرهم ؛ الحياة بشروطهم هم لا بشروط أعدائهم ؛ قضية الفلسطيني هي تحرير أرضه وهي وحدها التي تعرف معنى الموت ومعنى الحياة عنده.

طوفان الأقصى كان بيانا عمليا يعيد وضع القضية الفلسطينية على طاولة العالم الناسي أو المتناسي.