العقارات وصراع الحقوق بين الملاك والمستأجرين – أفق العدالة العقارية في مصر

العقارات وصراع الحقوق بين الملاك والمستأجرين – أفق العدالة العقارية في مصر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
الخميس - 8 مايو سنة 2025 | 4:46 مساءً | عبد الفتاح يوسف | | 274 مشاهدات | 0 من جوجل نيوز

لطالما كانت قضية العقارات والإيجارات محورًا للنزاعات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة في بلد ك‍مصر، حيث يعيش الملايين تحت وطأة قوانين إيجارية قديمة تعود لعقود خلت. وبينما كان الهدف من تلك القوانين حماية المستأجرين من الاستغلال، إلا أن الزمن أثبت أن تلك السياسات، رغم نواياها النبيلة، خلقت أزمات جديدة. اليوم، يبدو الصراع بين الملاك والمستأجرين أشبه بحربٍ اقتصادية، حيث يسعى الملاك لاستعادة ما يصفونه بـ"حقوقهم المسلوبة"، في حين يتمسك المستأجرون بـ"حق السكن الكريم".

تتجلى الأزمة في أبهى صورها عندما يُطالب المستأجرون بالخروج من منازلهم قبل انتهاء عقودهم، استنادًا إلى حجج واهية، مثل "الإزعاج" أو "الصراخ"، ليكون ذلك ذريعة لطردهم واستغلال العقار لتحقيق مكاسب خيالية، وهو ما يثير تساؤلات عن دور القوانين في تكريس هذه الممارسات.


القوانين الإيجارية في مصر: من الحماية إلى الاستغلال

بدأت القوانين الإيجارية في مصر كأداة لحماية المستأجرين، خاصة في ظل أزمات الإسكان التي واجهتها البلاد بعد الحرب العالمية الثانية. وأُقر قانون الإيجار القديم بهدف تحقيق توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين. لكن، مع مرور الزمن، بدأت تلك القوانين تفقد فعاليتها، وخلقت فجوة هائلة بين الإيجارات الفعلية والقيمة السوقية للعقارات.

القانون القديم: عدو الملاك أم صديق الزمن؟

القانون الإيجاري القديم يفرض على الملاك تأجير عقاراتهم بإيجارات رمزية لا تتناسب مع التضخم الاقتصادي. على سبيل المثال:

  • إيجار شقة في السبعينات بـ15 جنيهًا شهريًا يعادل أقل من 0.5 دولار اليوم.

  • تلك الشقق نفسها تُباع الآن بملايين الجنيهات أو تؤجر بأسعار تصل إلى 10 آلاف جنيه شهريًا.

القوانين الجديدة: هل كانت حلاً أم مشكلة؟

القوانين الجديدة حررت الإيجارات تمامًا للعقود المبرمة بعد عام 1996، مما سمح للملاك بتحديد الأسعار وفق العرض والطلب. لكن هذا التحرير قاد إلى:

  1. ارتفاع جنوني في أسعار الإيجارات.

  2. إقصاء الفئات الأقل دخلًا من سوق العقارات.

  3. زيادة الفجوة الطبقية بين الملاك والمستأجرين.


الملاك: من أغنياء الزمن الماضي إلى أصحاب القرار اليوم

ثراء الأجداد.. واستغلال الأحفاد

القصة تبدأ مع أجيال سابقة من الملاك الذين بنوا ثرواتهم من خلوات وإيجارات عقاراتهم. على سبيل المثال:

  • في السبعينات، يمكن لمالك عمارة تضم 12 شقة أن يجمع حوالي 10 ملايين جنيه بالقيمة الحالية من مقدمات الإيجارات فقط.

  • تلك الثروة، التي تضاعفت مع مرور الزمن، باتت في يد الأحفاد، الذين يسعون لاستغلال العقارات لتحقيق المزيد من المكاسب، حتى لو كان ذلك على حساب المستأجرين.

طرد المستأجرين: حجة اقتصادية أم جشع متوارث؟

يطالب العديد من الملاك بطرد المستأجرين باستخدام حجج متعددة، منها:

  1. حاجة العقار إلى الترميم: يتحمل المستأجرون غالبًا تكاليف الترميم، بينما يحصل الملاك على قيمة العقار المُرمم.

  2. الإزعاج والصراخ: تُستخدم هذه الادعاءات كذرائع لطرد المستأجرين دون أدلة واضحة.

  3. زيادة عدد السكان في الشقة: يتم استغلال تغييرات الحياة العائلية للمستأجرين كذريعة لإلغاء العقود.


النواب وأصحاب القرار: بين القوانين والسياسات الجائرة

القوانين التي خدمت الملاك

شهدت السنوات الأخيرة تحركات تشريعية تسعى إلى تحرير العقود القديمة بشكل كامل. وفي كل مرة تُطرح هذه القوانين في البرلمان، يكون الدعم الأكبر لها من النواب الذين يملكون عقارات، مما يثير تساؤلات حول تضارب المصالح.

من يدفع الثمن؟
  • المستأجرون القدامى: يواجهون خطر الطرد أو زيادة الإيجارات بشكل مبالغ فيه.

  • الفقراء والشباب: يجدون أنفسهم عاجزين عن استئجار شقق بأسعار معقولة.

  • العدالة الاجتماعية: تصبح الضحية الأكبر، حيث تتعمق الفجوة بين الطبقات.


الحل: عدالة اقتصادية وقوانين متوازنة

ما الذي يمكن فعله؟

  1. إعادة تقييم الإيجارات القديمة بشكل عادل:

    • اعتماد معايير تعتمد على التضخم والدخل القومي.

  2. وضع حد أعلى للإيجارات الجديدة:

  • حماية المستأجرين الجدد من الاستغلال المفرط.

  • إنشاء هيئة مستقلة لحل النزاعات العقارية:

    • تكون مسؤولة عن النظر في شكاوى الطرد والإيجارات غير العادلة.

  • تعزيز الدعم الحكومي للإسكان الاجتماعي:

    • توفير بدائل للمستأجرين الذين لا يستطيعون تحمل الإيجارات المرتفعة.

  • إعادة تعريف العلاقة بين المالك والمستأجر

    لا بد من إعادة صياغة العلاقة بين المالك والمستأجر بما يحقق:

    • حماية حقوق المستأجرين.

    • تحقيق مكاسب عادلة للملاك.

    • إعادة بناء الثقة بين الطرفين.


    خاتمة: هل من أمل؟

    إن النزاعات العقارية ليست مجرد معركة بين الملاك والمستأجرين، بل هي انعكاس لانقسام اقتصادي أعمق. وبينما يواصل البعض السعي لتحقيق مكاسب خيالية من العقارات، يبقى السؤال: متى سيكون للإنسان قيمة تفوق قيمة العقار؟


    كلمات مفتاحية بالخبر
    لا توجد أخبار لعرضها.