كيف يعيد النوم ترتيب دماغك ويعزز التعلم وحفظ المعلومات؟
النوم العميق… مفتاح صفاء الذهن وتقوية الذاكرة

كيف يعيد النوم ترتيب دماغك ويعزز التعلم وحفظ المعلومات؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
الثلاثاء - 2 ديسمبر سنة 2025 | 3:16 مساءً | مريم ياسر | | 18 مشاهدات | 0 من جوجل نيوز

كشف تقرير نشره موقع Harvard Health Publishing أن النوم العميق لا يعد مجرد فترة راحة للجسم، بل يمثل مرحلة أساسية يعيد فيها الدماغ ترتيب معلوماته وتقوية شبكاته العصبية، ما يجعل الأفكار أوضح والذاكرة أكثر قدرة على الاحتفاظ بالتفاصيل. فالكثيرون يستيقظون أحيانًا وقد وجدوا حلولًا لمشكلات حيّرتهم قبل النوم، وهو ما تؤكده الأبحاث العلمية.

وأوضح التقرير أن أول مراحل تكوين أي ذكرى تعتمد على الانتباه، وهي وظيفة تتضرر مباشرة عند نقص النوم. فالإرهاق يضعف التواصل بين الفص الجبهي المسؤول عن التفكير المنطقي، وبين الحُصين، مركز تكوين الذكريات الجديدة، ما يجعل عملية التعلّم أكثر صعوبة حتى مع ساعات طويلة من الاستيقاظ.

وأشار التقرير إلى أن الإجهاد الذهني الناتج عن السهر هو استجابة بيولوجية معقدة، إذ يتراكم ما يُعرف بـ"ضغط النوم" مع طول فترة اليقظة، بينما يفرض الإيقاع اليومي للجسم فترات محددة للنشاط والراحة. تجاهل هذه الإشارات يجعل التركيز أصعب، مهما اعتمد الشخص على القهوة أو المشروبات المنشطة.

وبحسب الخبراء، فإن الكافيين لا يمنح الجسم طاقة فعلية، بل يحجب إشارات التعب لفترة مؤقتة، ليعود بعدها الشعور بالإرهاق بشكل مضاعف. لذلك، يوصي المختصون باستخدامه باعتدال وعدم النظر إليه كبديل عن النوم الطبيعي، نظرًا لأن الذاكرة تحتاج إلى فترات من الهدوء العصبي لترسيخ المعلومات داخل الحُصين.

ويشرح التقرير أن الدماغ يمر خلال النوم بمراحل متعددة، ففي النوم العميق تتم "تنقية" الاتصالات العصبية من المعلومات غير الضرورية، بينما تُدعَّم المسارات التي تحمل ذكريات مهمة في عملية تُعرف بـ"تثبيت الذاكرة". أما في مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، الأكثر نشاطًا، فيربط الدماغ بين الخبرات القديمة والجديدة، ما يخلق حلولًا مبتكرة قد تظهر فور الاستيقاظ.

ولا يقتصر دور النوم على دعم الذاكرة، بل يمتد ليشمل الجانب العاطفي، إذ يعمل الدماغ على إعادة تنظيم المشاعر المرتبطة بالأحداث المزعجة، ما يساعد على تقليل وطأة القلق والتوتر.

وحذر التقرير من الاعتماد المفرط على الحبوب المنومة التي تقلل جودة مراحل النوم العميق والحالم، مما يضعف آليات تعزيز الذاكرة. وبدلًا من ذلك، ينصح الخبراء باتباع عادات نوم صحية، مثل تثبيت مواعيد النوم، والابتعاد عن الشاشات قبل ساعة من الذهاب للفراش، وممارسة تمارين الاسترخاء.

وأشار التقرير إلى أن النوم بعد مراجعة المعلومات يساعد على تذكرها بدرجة أكبر مقارنة بمن يواصلون السهر للدراسة، إذ يعمل النوم كأنه "زر حفظ" طبيعي لكل ما اكتسبه الدماغ خلال النهار.

ويخلص الخبراء إلى أن النوم الليلي الجيد، من سبع إلى تسع ساعات، ليس رفاهية بل ضرورة أساسية للحفاظ على ذاكرة قوية وذهن متّقد، إذ تُبنى القدرات المعرفية خلال تلك الساعات الهادئة التي يعيد فيها الدماغ ترتيب عالمه الداخلي.

كلمات مفتاحية بالخبر