آخر الأخبار

وتتوالى الصرخات

أسامة حسان
السبت ، ١٦ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٧ مساءً

الكاتب الصحفى أسامة حسان 

هل تساءلت يوماً وأنت ترى الشارع نظيفاً وجميلاً عن الرجل الذى جعلك تشعر بالراحة النفسية وقام بفعل ذلك أم أنك لا تتذكر ذلك الرجل إلا حينما ترى الشارع غير نظيف والقمامة متراكمة فى كل مكان حين إذ تسأل عنه وتملاْ الدنيا صراخاً وضجيجاً.

سبق وأن تحدثنا فى المقال السابق عن صرخة واحده أطلقها عامل النظافة وكانت هى الأشد والأقوى وهى بسبب خوفه من إصابته بالعدوى أو انتقال فيروس كورونا إليه والى أسرته واليوم تتواصل صرخات ذلك الرجل بعد أن وجدت الصرخة الاولى التى أطلقها صدى لدى الناس الرحيمة ذات القلوب الطيبة.

الصرخة الاولى: أنا إنسان فعاملنى بإحسان ولا تسئ إلى يكفى ملامحى المجهدة وتجاعيد وجهى التى تظهر قسوة المهنة التى أعمل بها فلا تزيدها أنت قسوة على قسوتها، يكفى حزنى وانكسارى.

ليس من المهنة التى أعمل بها، ولكن من نظرتك وأنت تنظر لى بتكبر واستعلاء أو تظن أننى ما خلقت إلا كى أحمل قماماتك ومخلفاتك، فقد أكون فى العلم أعلم منك وفى الشهادات أعلى مؤهلا منك ولكنى أعمل حتى أتكفل بنفسى، أذكرك فقط أن الكلمة الطيبة صدقة.

الصرخة الثانية: استحلفك بربك أن هناك أماكن مخصصة لإلقاء القمامة فلا تلقى بها فى الشارع فقد كبر سنى ومفاصل قدمى لم تعد كالسابق تقوى على حملى وظهرى يؤلمنى من كثرة الإنحاء على الأرض للالتقاط ورقة قد ألقيت بها فى الشارع أنت أو ابنك أو أحد الناس ومنديل قد استعمله أخر والقي به فى الطريق.

الصرخة الثالثة: كم من مرة قد أصابنى الضرر وجرحت يدى من جراء تركك للزجاج المكسور داخل المخلفات أو بعض الآلات الحادة والمواد المعدنية الحادة والتى يكون لها حرف أو سن قد شق يدى لأنك لم تضعها فى كيس وتحكم إغلاقه وتراعى أنها يمكن أن تصبينى أو تصيب إنسان أخر.

الصرخة الرابعة: أحزن كثيراً عندما أجد أثناء عملى كميات كبيرة من الطعام ملقاة فى قماماتك وهناك أناس لا تجد لقمة العيش تأتى بعد أن تلقيها أنت لتبحث فى القمامة من أجل أن تأكل، أعلم أن ذلك الطعام المهدر سوف يحاسبك الله عليه فاتقى الله فى نفسك وفى الآخرين واستعمل الطعام على قدر حاجاتك.

الصرخة الخامسة: لدينا قصور فى أدوات السلامة المهنية والحماية الشخصية أرغب أن يخصص لنا مجموعة من الكمامات ومطهرات للتعقيم وقفازات لارتدائها أثناء العمل تحمينا من الأتربة والميكروبات التى تصيب أيدينا أثناء العمل وتمنع انتقال ونشر العدوى.

وفى النهاية أمل أن أكون استطعت أن أوصل ولو جزء صغير مما تعانيه هذه الفئة المهشمة من العمال البسطاء فهذا حقهم علينا كمجتمع هم جزء من ذلك المجتمع، ونرجو من الدولة أولاً ثم رجال الأعمال ثانياً ومنظمات المجتمع المدنى ثالثاً النظر بعين الرحمة إلى هذه الفئة لتخفيف العبء عنهم فهم يعملون رغم مرتباتهم الضئيلة.

وأننى أوجه دعوة للجميع لمراجعة تصرفاتنا مع الآخرين والإحساس بهم وتصحيح سلوكياتنا تجاههم وتغير ما يمكن تغيره وإصلاح ما يمكن إصلاحه.